الجريمة والمجتمع
--------
ارتباط الجريمة بالمجتمع ارتباط طبيعي ، بمعنى أنه حيثما كانت هناك حياة اجتماعية ، حتى ولو كانت في ابسط صورها توجد الجريمة ، بمعنى عدوان شخص على آخر في عرضه أو ماله أو متاعه ، أو في شخصه هو في نفسه ، بجرحه أو بتر اعضائه أو قتله ، وقد يعتدي الأخ على أخيه وهو أقرب الناس إليه ، إذا اختلفا على مال أو ميراث أو أي شيء آخر ، وقصة هابيل وقابيل خير دليل على هذا الموضوع .
وإذا حدثت الجريمة بين الخلان والاخوان فليس غريبا أن تحدث في أثناء التعامل اليومي بين من لا تربطهم ببعضهم إلا علاقات اجتماعية عابرة أو غير وطيدة . فوجود الجريمة في المجتمع ظاهرة اجتماعية ترتبط بها ارتباطا وظيفيا حتميا الظاهرة السياسية التي تنحصر وظائفها الرئيسية في أمور من أهمها : استتباب الأمن في داخل المجتمع بالحد من الجريمة وانزال العقوبة بالمجرمين وفق شريعة دينية سماوية ، أو قانون وضعي ، هذا فضلا عن وجود اجهزة شرطية وقضائية وعقابية وبحثية علمية ، يعمل بها متخصصون معنيون ،كل في تخصصه بالجريمة والمجتمع .
والجريمة من الوقائع الاجتماعية التي لازمت المجتمعات البشرية منذ أقدم العصور ، وعانت منها الإنسانية على مر الزمن ، والجريمة ليست شيئا مطلقا ، بمعنى أنها تدل على فعل ثابت له أوصاف محدودة ولكنها شيء نسبي تحدده عوامل كثيرة منها الزمان والمكان والثقافة ، فقد كانت بعض الافعال في الماضي لا تعد جريمة ولكنها أصبحت جرائم في العصر الحديث يحقر مرتكبوها ويعاقب عليها القانون .
وقد اصطلحت المجتمعات على أن الخروج ما رسمته من مبادىء بأنواعها بأنها جريمة ، وأن فاعلها أو مرتكبها مجرم ، والمجتمع هو الذي يحدد ماهية السلوك العادي وماهية السلوك المنحرف أو الاجرامي وفقا لقيمه ومعاييره . والجريمة ليست فعلا يضر بالجماعة بل فعلا تعتقد أنه يضرها ، فإذا رأت الجماعة أن ضمن قوانينها تجريما لهذا الفعل الذي تعتقد أنه يضرها فإنه يصبح بذلك جريمة من الوجهة القانونية ويعد مرتكبيها من وجهة نظر القانون مجرما يستحق العقاب ...
----------------
من كتب القانون " الجريمة والعقاب "